هل يمكن تخيل العمل في الوقت الحالي دون استخدام أدوات التعاون المؤسسي؟ الأمر يشبه أن يكون هاتفك لا يحتوي على تطبيق واتساب، وكأنك تعيش في جزيرة رقمية منعزلة. وفي غابة البرمجيات المكتبية هذه، برزت وحشان كبيران بهدوء — أحدهما "دينغ توك" التابع لمجموعة علي بابا، والآخر "فيسو" الذي تربى تحت رعاية شركة بايت دانس. ولا تنخدع بمظهرهما اللامع اليوم، فقد نشآ من معاناة حقيقية مع مشكلات الإدارة.
ظهر دينغ توك عام 2015، ويُروى أن ما يون كان غير راضٍ عن تأخر الموظفين في الرد على الرسائل، فصرخ غاضبًا: "اربطهم!" وهكذا جاء الاسم — ليس "ربط" كمعنى العند، بل "ربط العمل بإحكام". بدأ التطبيق بالتركيز على ميزة "تم القراءة / لم يتم القراءة" وإرسال إشعارات فورية عبر خاصية DING، ما جعله أداة الأحلام للإدارات، وحقق انتشارًا واسعًا بين الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من الفوضى في المجموعات.
أما فيسو، فقد ظهر بعد ثلاث سنوات، لكنه قادم من عائلة كبيرة. استخدمت شركة بايت دانس نفسها Lark (الاسم الأصلي لفيسو) لإدارة آلاف الموظفين حول العالم بكفاءة عالية، وكأنها تعمل بوضع التحكم السريع (غش). ولم يسرع فيسو لاحتلال السوق، بل ركّز أولًا على تحسين التجربة، حيث دمج المستندات والتقويم والدردشة في نظام واحد، كأنه نظام تشغيل مصمم للمكتب المستقبلي. يتهكم البعض قائلين: "باستخدام فيسو، تشعر أنك تعمل في سيليكون فالي؛ أما باستخدام دينغ توك، فتشعر أنك تتسابق لتحقيق مؤشرات الأداء (KPI)".
إنها ليست مجرد منافسة بين أداتين، بل تصادم بين ثقافتين مؤسسيتين — واحدة تركّز على السيطرة، والأخرى على التعاون. فمن سيضحك أخيرًا؟ تابعوا الحلقة القادمة.
المقارنة الوظيفية: أيهما أفضل؟
المقارنة الوظيفية: أيهما أفضل؟ هذه المعركة المكتبية ليست لعبة. يشبه دينغ توك ذلك الطالب النموذجي الذي يحضر دائمًا في الموعد، ويُنظم ملاحظاته بدقة، ويمتاز بإتقانه لإرسال الإعلانات، وجدولة المهام، وتسجيل الحضور. وتُشبه ميزة الدردشة فيه سكين الجيش السويسري متعدد الأغراض — فالرسائل تُظهر بوضوح من قرأها ومن لم يقرأها، وبنقرة DING واحدة، تصل رسالة المدير العاجلة مباشرة إلى شاشة هاتفك، وتضمن أن تستيقظ من نومك في منتصف الليل لتُرد: "تم الاستلام".
أما فيسو، فهو البرنامج الحلم لكل عاشق للإبداع والكفاءة. تتيح لك مستنداته التعاونية عبر الإنترنت تجربة مشابهة لمشاركة فنجان قهوة، حيث يمكن لعدة أشخاص التعديل في وقت واحد دون تعارض المؤشرات، كما يقوم تلقائيًا بإنشاء محضر الاجتماعات، مما يجعل تنظيف المخرجات بعد الجلسة أمراً لا يُرهق النفس. وفي إدارة المشاريع، تجعل جداول فيسو المتعددة الأبعاد ولوحات المهام (kanban) تقسيم المهام واضحاً كالخريطة، فلا داعي للقلق بشأن من يتلكأ ومن يعمل لوقت إضافي.
خذ مثالاً: إذا كانت الشركة تخطط لإقامة حفل سنوي، يستطيع دينغ توك إنشاء مجموعة فورًا، وإرسال استبيانات، وحجز الفندق، ومتابعة الدفعة النهائية بنقرة واحدة. أما إذا كنت تخطط لتدفق إبداعي، ومشاركة عرض تقديمي (PPT)، وتعديل النصوص فورًا، فإن مزيج فيسو من المستندات التعاونية واجتماعات الفيديو سيكون سلسًا كتدفق الماء. الأول ماهر في "إدارة الناس"، والثاني متخصص في "إنجاز المهام". فهل هناك فائز؟ الجواب يعتمد على طبيعة شركتك: هل تريد تنفيذًا فعالًا، أم تريد الإبداع أثناء التخطيط؟
تجربة المستخدم: أيهما أكثر اهتمامًا؟
"دينج دنغ —" بهذه الطريقة تظهر رسالة دينغ توك، مثل شاب جارٍ منظم يرتدي قميصًا مربعًا، ويضع الأمور في قائمة مرتبة. أما فيسو، فهو更像是 خادم ذكي يفهم ما تحتاجه قبل أن تطلبه، فيضع القهوة والتقويم اليومي أمامك تلقائيًا. هذه الحرب على "درجة القبول" في المكاتب لا تعتمد فقط على الوظائف، بل على من يجعل استخدامه أكثر راحة ويقلل من عبوات التذمر.
يتميز واجهة دينغ توك بأسلوب "بسيط وعملي"، حيث تُرتب الأزرار كأنها جنود في طابور، كل شيء واضح للعيان. يسهل على الموظفين الجدد استخدامه، ولا يمكن لأحد التملص من تسجيل الحضور أو المتابعة من قبل المشرف. منطق التنقل فيه واضح، كأنه يقول: "لا تفكر كثيرًا، فقط اعمل!". لكن أحيانًا يكون هذا البساطة مفرطة، فيفقد عنصر المفاجأة، كوجبة غداء متوازنة غذائيًا لكن طعمها عادي.
أما فيسو، فيبدو منذ النظرة الأولى أنه برنامج "رفيع المستوى". فإنه يقترح تلقائيًا الملفات أو محاضر الاجتماعات التي قد تحتاجها، كأنه يقرأ أفكارك. وتحتوي تصميماته على لمسات ذكية، مثل القدرة على معاينة محتوى المستند مباشرة داخل المحادثة دون الحاجة للتنقل بين النوافذ. ويقول المستخدمون بسخرية: "باستخدام فيسو، أشعر أنني أصبحت أكثر ذكاءً". بالطبع، هذه الأناقة تأتي مع منحنى تعليمي، وقد يحتاج المبتدئون بعض الوقت لبناء توافق مع هذا "الخادم المثقف".
فمن الأكثر اهتمامًا؟ يعتمد الأمر على ما إذا كنت تبحث عن جيش فعال أم شريك ذكي.
الأمان والخصوصية: حماية بياناتك
متى تحدثنا عن "الصندوق الآمن الرقمي" للمكتب، فمن منا لا يريد أن تكون سجلات دردشته، ومحاضر اجتماعاته، وبيانات عملائه محصنة كأنها في خزانة ذهبية؟ دينغ توك ليس مجرد أداة للحضور والانصراف، بل إن حمايته تشبه الغرفة السرية في أفلام الجواسيس — فنقل البيانات يُشفَّر بالكامل باستخدام SSL/TLS، وحتى الملفات المخزنة على الخوادم ترتدي "سترة واقية" من تشفير AES-256. ناهيك عن نظام إدارة الصلاحيات الدقيق لدرجة مفرطة، حيث يستطيع المدير تحديد من يمكنه المشاهدة، ومن يمكنه التعديل، ومن لا يستطيع سوى النظر دون تفاعل، كأنه يطبق مبدأ "أقل صلاحية ممكنة" حتى أن قطته المنزلية لا يمكنها الاطلاع على البريد.
أما فيسو، فيسلك طريق الأمن "البارد والمحصن". فجميع بياناته تلتزم بمعايير GDPR ومعايير الحماية الصينية، يبدو ذلك تقنيًا جدًا؟ صحيح، بل إنه يسمح للشركات باختيار مكان تخزين بياناتها، كأنه يقول: "بياناتك، أنت تتحكم بها". كما أن سجلات التدقيق (audit logs) في فيسو مفصلة لدرجة أنها يمكن أن تعيد لك لحظة قيام موظف صغير بنسخ عرض أسعار في تمام الساعة 3:07 مساءً، وهذا مستوى المراقبة يجعل المدير يشعر بالراحة (أو بالذنب).
كلا النظامين يدعمان المصادقة الثنائية، وكل منهما حصل على شهادات أمان دولية، والاختلاف يكمن في الأسلوب: دينغ توك كالأب الصارم، يراقب كل صغيرة وكبيرة؛ أما فيسو فهو كالمُحامِي، دقيق في الشروط، لا يُفلت شيئًا. فعلى من تختار؟ يعتمد على ما إذا كنت تفضل أن "تُحمى" أم أن "تُحترم".
التوقعات المستقبلية: من سيقود الاتجاه؟
بينما نخرج للتو من "الجدار الناري العظيم" المبني من التشفير وإدارة الصلاحيات، ندخل فورًا معركة المستقبل التكنولوجية للمكاتب — من بين دينغ توك وفيسو، من سيضحك أخيرًا؟ لا داعي للقلق، فهذه ليست فيلمًا خياليًا، لكن المواجهة بين الذكاء الاصطناعي والسحابة بدأت بهدوء.
يبدو أن دينغ توك يتدرب بهدوء على "فن الكسل": إذ سيصبح المساعد الذكي نسختك الرقمية، وسيقوم تلقائيًا بالرد على رسائل المدير، وجدولة الاجتماعات، بل وكتابة تقاريرك الأسبوعية — بالطبع، إذا كتب ذات يوم: "مهمتي الرئيسية هذا الأسبوع: شرب القهوة والتفكير في الحياة"، فلا تلوم أحدًا سوى وضع السخرية الذي نسيت إيقافه. والأكثر إثارة، أن سير العمل التلقائي قد يجعل إجازتك أو مطالباتك المالية أسهل من طلب وجبة خارجية — بنقرة واحدة، تُنجز كل الأمور، لدرجة أن موظفة المحاسبة قد تبدأ بالشك في مستقبل وظيفتها.
أما فيسو، فهو لا يهتم بالتمثيل، بل يركز على أن يكون "النينجا العابر للأنظمة". سواء كنت تستخدم ماك، ويندوز، الهاتف أو حتى الساعة الذكية، فإنه يتكامل بسلاسة تامة، ومزامنة الملفات تكون سريعة لدرجة أن السحابة نفسها قد تتأخر! مع تطور تخزين السحابة، قد يحدث قريبًا أن تُرفع خطتك التسويقية تلقائيًا إلى خادم الشركة وأنت في دُش الحمام — بشرط أن يكون الحمام متصلاً بشبكة واي فاي.
باختصار، تدور الآن معركة هادئة لكنها شديدة في الخفاء. من سيجعلنا أكثر كسلًا، وأسرع، وأذكى؟ ربما يأتي الجواب في التحديث القادم.